قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: "اليتيم في الآدميين من فقد أباه؛ لأن أباه هو الذي يهذبه، ويرزقه، وينصره بموجب الطبع المخلوق، ولهذا كان تابعًا في الدين لوالده، وكان نفقته عليه وحضانته عليه، والإنفاق هو الرزق، والحضانة هي النصر لأنها الإيواء، ودفع الأذى، فإذا عدم أبوه طمعت النفوس فيه؛ لأن الإنسان ظلوم جهول، والمظلوم عاجز ضعيف، فتقوى جهة الفساد من جهة قوة المقتضي، ومن جهة ضعف المانع، ويتولد عنه فسادان: ضرر اليتيم الذي لا دافع عنه، ولا يحسن إليه، وفجور الآدمي الذي لا وازع له"



ورد ذكر اليتيم في كتاب الله اثنتين وعشرين مرة، قال تعالى: ﴿ وَإِذْ أَخَذْنَا مِيثَاقَ بَنِي إِسْرَائِيلَ لَا تَعْبُدُونَ إِلَّا اللَّهَ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا وَذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَقُولُوا لِلنَّاسِ حُسْنًا وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ ثُمَّ تَوَلَّيْتُمْ إِلَّا قَلِيلًا مِنْكُمْ وَأَنْتُمْ مُعْرِضُونَ ﴾ [البقرة: 83].




وجعل سبحانه البذل لهم من خصال البر والتقوى، قال تعالى: ﴿ لَيْسَ الْبِرَّ أَنْ تُوَلُّوا وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَالْمَلَائِكَةِ وَالْكِتَابِ وَالنَّبِيِّينَ وَآتَى الْمَالَ عَلَى حُبِّهِ ذَوِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَالسَّائِلِينَ وَفِي الرِّقَابِ ﴾ [البقرة: 177].



قال ابن كثير رحمه الله: "أي لا تذله، وتنهره، وتهنه، ولكن أحسن إليه وتلطف به" [3].

وقد أمر الله بحفظ أموالهم، ونهى عن قربها إلا بالحسنى، قال تعالى: ﴿ وَلَا تَقْرَبُوا مَالَ الْيَتِيمِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ حَتَّى يَبْلُغَ أَشُدَّهُ ﴾ [الأنعام: 152] ولا يتولى أموالهم إلا القوي الأمين.

ونهى النبي صلى الله عليه وسلم الضعيف أن يتولى شيئًا من أموالهم، فقال صلى الله عليه وسلم: "يَا أَبَا ذَرٍّ، إِنِّي أَرَاكَ ضَعِيفًا، وَإِنِّي أُحِبُّ لَكَ مَا أُحِبُّ لِنَفْسِي، لا تَأَمَّرَنَّ عَلَى اثْنَيْنِ، وَلا تَوَلَّيَنَّ مَالَ يَتِيمٍ" [4].

وأخبر النبي صلى الله عليه وسلم أنه وكافل اليتيم في الجنة سواء، روى البخاري في صحيحه من حديث سهل بن سعد رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "أَنَا وَكَافِلُ الْيَتِيمِ فِي الْجَنَّةِ هَكَذَا"، وَأَشَارَ بِالسَّبَّابَةِ وَالْوُسْطَى، وَفَرَّجَ بَيْنَهُمَا شَيْئًا [5].
والسبابة هي: الأصبع التي تلي الإبهام، وتسمى المسبحة لأنه يسبح بها في الصلاة.

ومعنى كافل اليتيم: أي هو القيم بأمره ومصالحه، قال النووي رحمه الله: "كافل اليتيم: القائم بأموره من نفقة وكسوة وتأديب وتربية..وغير ذلك" [6].

قال ابن بطال: "حق على من سمع هذا الحديث أن يعمل به ليكون رفيق النبي صلى الله عليه وسلم في الجنة، ولا منزلة في الآخرة أفضل من ذلك" [7].


رابط الموضوع: https://www.alukah.net/sharia/0/107788/#ixzz5b9W5whPC






0 التعليقات :

إرسال تعليق

booked.net
+22
°
C
+22°
+10°
الطائف
السبت, 05
أنظر إلى التنبؤ لسبعة أيام

آخر المواضيع

أرشيف المدونة

المشاركات الشائعة

مدونات أتابعها